من طرف anouar الأحد يوليو 05, 2009 4:22 pm
|
جانب من قرية معلولا في 29 حزيران/يونيو |
تعتبر قرية معلولا المتوارية بين صخور جبال لبنان الشرقية من اواخر الاماكن التي لا يزال سكانها يتكلمون اللغة الارامية، لغة السيد المسيح.وتقول غادة شربيط التي تتبع دورة تعليم للغة الارامية كي تصبح "مدرسة وتنقل هذه اللغة الى الاجيال المقبلة"، ان "الارامية هي اللغة المحلية في معلولا، ولكن غالبيتنا لا تتقن كتابتها".والارامية او السريانية هي من اللغات السامية التي اعتمدتها الامبراطوريات السريانية بالاضافة الى الفرس قبل 2500 عام. واستمرت لغة محلية في المنطقة خلال الحقبتين اليونانية والرومانية حتى الفتح الاسلامي.وتعتبر اللغة الارامية التي تعرف بكونها "لغة المسيح" كما يحلو لسكان معلولا ان يرددوا فخورين، لغة محكية تم تناقلها شفويا من جيل الى اخر منذ القدم.ويقام القداس في دير القديسة تقلا للروم الارثوذكس المشاد في القرن الرابع للميلاد باللغة الارامية. ويضم الدير منذ العام 2003 مدرسة صيفية لتعليم هذه اللغة.وتؤكد كاتيا بدر (19 عاما) وهي شابة يتيمة تقطن في الدير "من المهم انعاش هذه اللغة لانها تراثنا الثقافي كما انها لغة المسيح".وتعرب هذه الفتاة الاتية من ساحل اللاذقية (شمال غرب سوريا) عن تفاؤلها، وتقول "لن تندثر هذه اللغة ما دام هناك شباب يتعلمونها وينقلونها للاجيال المقبلة".وتعتبر سوريا اليوم اخر بلد صمدت فيه اللغة الارامية. وتشير التقديرات الى ان نحو 60 الف سوري ما زالوا يتكلمونها من بينهم عشرة الاف في معلولا.ولكن مع انتشار التلفزيون وتطور وسائل النقل وتركز فرص العمل والاسواق في المدن الكبرى، يهجر شبان معلولا بلدتهم الام الى التجمعات الكبرى بحثا عن وظائف وحياة افضل.وجراء ذلك، بات هؤلاء يتكلمون الارامية في شكل اقل ويعتمدون العربية وهي اللغة الرسمية في سوريا. كما هاجر كثيرون منهم الى لبنان او اميركا.تلك هي حال لاونديوس شلهوب (35 عاما) الذي ترعرع واقام مع اهله في لبنان.يقول شلهوب "نتكلم العربية في المنزل انسجاما مع المجتمع، والنتيجة انني لا اتكلم الارامية ولكنني افهمها. افكر جديا في تعلمها وتعليمها لابنائي في المستقبل لانها لغتي الاصلية".ولمواجهة انحسار هذا التراث الثقافي، اصدر الرئيس السوري بشار الاسد قرارا باقامة معاهد لتعليم اللغة الارامية. وتم افتتاح اخرها في معلولا العام 2006.وتزامنت هذه الخطوة مع ادخال تعليم الارامية الى قسم اللغة العربية في كلية الاداب في جامعة دمشق، الى جانب لغات سامية اخرى كالكلدانية والسريانية.وتقول الراهبة بالاجيا ان "اللغة كانت بدأت تندثر قبل بضعة اعوام"، واصفة الارامية بانها "ام اللغات السامية". وتؤكد ان "افتتاح المعهد اتاح الحفاظ على هذه اللغة وتعزيزها".الاميركية مارغريت روبنسن (23 عاما) تعمل في الدير منذ ستة اشهر، وتبدي اعجابها ب"جميع سكان القرية الذين يتكلمون هذه اللغة كما اتكلم الانكليزية".وتضيف "رغم ان قسما من السكان هاجروا واستقر اخرون مكانهم، فان الاراميين يحاولون الحفاظ على لغتهم عبر فرضها داخل المنزل".ويطلع غريغوريوس خوري (13 عاما) على دفتر علاماته المدرسية باللغة العربية في حين يتكلم الارامية مع اصدقائه.ويقول غريغوريوس مازحا على مرأى من رفاقه "يعلمنا ذوونا تكلم الارامية لا كتابتها. في المدرسة نتعلم كتابة العربية، ولكن حين نتقدم بامتحان نهاية العام خارج معلولا، لا نتوانى عن الغش عبر تبادل الاجابات بالارامية من دون ان يفهمنا احد".